رام الله - ، وكالات - قال رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية الدكتور صائب عريقات اليوم الثلاثاء إن المبعوث الأميركي لعملية السلام في الشرق الأوسط جورج ميتشيل أبلغ الرئيس الفلسطيني محمود عباس في عمان أن الموقف الأميركي من الاستيطان اليهودي "لم يتغير".
وكانت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون اكدت قبل ذلك في مراكش أن "الولايات المتحدة لم تغير موقفها المعارض للتوسع الاستيطاني الإسرائيلي داخل الأراضي الفلسطينية".
وادرجت كلينتون تعديلات على محطات سفرها وتتوجه الى مصر اليوم في زيارة لم تكن على جدول اعمالها من قبل واضيفت بعد عاصفة الانتقادات التي تعرضت اليها بسبب تصريحاتها حول ضرورة استئناف المفاوضات ولو لم تف اسرائيل كليا بشرط تجميد الاستيطان. وستلتقي وزيرة الخارجية الاميركية الرئيس حسني مبارك
ونقلت صحيفة "الحياة" اللندنية اليوم عن مسؤول اميركي أن واشنطن متمسكة بموقفها الذي يعتبر المستوطنات اليهودية في الاراضي الفلسطينية "غير شرعية" والذي يصنف لقدس "ضمن قضايا الحل النهائي وبالتالي رفض أي معطيات جديدة على الأرض جاءت نتيجة انتهاك اسرائيل للقانون الدولي". الا أن المسؤول أكد في الوقت ذاته الى أن واشنطن "تريد استئنافاً فورياً للمفاوضات طبقا للمرجعيات الدولية وحدود 1967" وعلى أن تشمل هذه المفاوضات قضايا الحل النهائي أي الحدود واللاجئين والقدس والأمن.
وفي العاصمة الاردنية، أوضح عريقات في تصريحات لإذاعة "صوت فلسطين" أن ميتشيل أبلغ عباس أن الموقف الأميركي من الاستيطان لم يتغير وأن واشنطن تعتبر الاستيطان غير شرعي وترفض ضم القدس الشرقية.
وذكر عريقات أن عباس أكد للمبعوث الأميركي خلال اجتماعهما في العاصمة الأردنية عمان مساء أمس ضرورة الوقف التام للاستيطان في الضفة الغربية وفي القدس بما في ذلك النمو الطبيعي.
وأشار إلى أن عباس شدد على أن وقف الاستيطان "ليس شرطا فلسطينيا وإنما التزاما حسب خارطة الطريق".
وتابع عريقات: "كنا طلبنا من ميتشيل توضيحات حول تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون خلال مؤتمرها الصحافي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو".
وأضاف أن "ميتشيل نقل التزام الرئيس الأميركي باراك أوباما بإقامة دولة فلسطينية مستقلة معتبرا ذلك مصلحة أميركية".
ومضى قائلا: "إذا أريد صناعة عملية سلام لا بد من إلزام إسرائيل بوقف الاستيطان واحترام مرجعيات عملية السلام ذات الصلة".
وأضاف أن محاولة الحكومة الإسرائيلية اتخاذ خطوات أحادية الجانب في القدس من هدم للمنازل ومواصلة الاستيطان ودعوتها لإعادة عملية السلام هو "لعبة مفضوحة".
وكانت كلينتون طلبت من السلطة الفلسطينية استئناف المفاوضات مع إسرائيل من دون شروط مسبقة وهو ما اعتبرته السلطة تراجعا عن مواقف سابقة أطلقتها الإدارة الأميركية وتطالب بوقف الاستيطان الإسرائيلي.
الى ذلك، صرح وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك للاذاعة الاسرائيلية صباح اليوم الثلاثاء بأن الحكومة الاسرائيلية تواصل العمل من اجل تجديد المفاوضات مع الفلسطينيين.
وقال باراك ان رحلته المقررة الى الولايات المتحدة الى جانب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تهدف الى التوصل الى اتفاق مع الادارة الاميركية من اجل مستقبل اسرائيل.
واضاف ان هدف المفاوضات مع الفلسطينيين واضح: التوصل الى اتفاق لانهاء الصراع والمطالب المتبادلة، واقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة اقتصادياً وجغرافياً الى جانب اسرائيل، وانهاء الاحتلال الذي بدأ في العام 1967.
وزاد وزير الدفاع الاسرائيلي ان هذه الاهداف ذات اهمية حيوية لاسرائيل وان كل البدائل (الاخرى) الممكنة اسوأ. وعبر عن تقديره لجهود وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون والمبعوث الاميركي ميتشل لتشجيع استئناف المحادثات بين الجانبين.
ضغوط على الرئاسة الفلسطينية
يرى محللون وسياسيون فلسطينيون ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس يواجه مازقا امام الادارة الاميركية التي يتوقع ان تزيد ضغوطها عليه لبدء المفاوضات بدون تجميد الاستيطان الاسرائيلي وبدون اية ضمانات.
ويقول سعيد زيداني استاذ الفلسفة ونائب رئيس الشؤون الاكاديمية في جامعة القدس، "ان وضع الرئيس عباس محرج جدا، واكثر مما كان عندما اثير جدل حول تقرير غولدستون لحقوق الانسان" بعد ارجاء التصويت على احالته الى الجمعية العامة للامم المتحدة في المرة الاولى.
ويتوقع سعيد زيداني "ان يتعرض الرئيس ابو مازن لمزيد من الضغوط الاميركية اكثر مما هي عليه الان".
ويتابع "انه يشبه من صعد الى الشجرة ولم يعد يستطيع النزول عنها، بعد ان قال وكرر انه لن يستأنف المفاوضات بدون تجميد الاستيطان، ولن يستطيع التراجع عن مطلبه اذا لم يحصل على اي شىء بالمقابل".
ويرى الدكتور سعيد زيداني "ان الموقف الاميركي خيب امال الرئيس عباس الذي انتهج استراتيجية المفاوضات والسلام".
ويضيف "اذا لم تجد الادارة الاميركية مخرجا يحافظ على ماء وجه الفلسطينيين لاستئناف المفاوضات فان الوضع سيكون صعبا، خصوصا اننا شهدنا في السنوات الاخيرة موقفا عربيا ضعيفا اتجاه دعم الفلسطينيين، وموقفا اسلاميا شبيها، اضافة الى الانقسام الداخلي".
وذكر بان "الاميركيين قد ينتهجون اسلوب الضغط السياسي والمالي خصوصا وان الوضع الاقتصادي في الاراضي الفلسطينية يعتمد بالاساس على المساعدات الخارجية".
ومن جهته قال مصدر مقرب من السلطة الفلسطينية لوكالة فرانس برس "ان الضغوط الاميركية بدأت عمليا قبل نحو اربعة اسابيع، ورد الرئيس ابو مازن للاميركيين كان بتكرار ما قاله الرئيس باراك اوباما".
وتابع المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، "نتوقع مزيدا من الضغوط، بعد ان فوجئنا السبت بتصريحات وزيرة الخارجية كلينتون الخارجة عن السياق الدبلوماسي، وبفظاظتها والقائها اللوم على الرئيس ابو مازن".
وعن خيارات الرئيس ابو مازن في مواجهة الضغوطات الاميركية قال المصدر "ان ابو مازن سيعمل على بناء موقف عربي موحد من خلال لجنة المتابعة العربية لتقوية وتعزيز الموقف الفلسطيني اضافة الى الخيار الاوروبي".
واشار الى انه "في النهاية هناك خيار العودة الى مجلس الامن والى الامم المتحدة ككل، بالرغم من ان القضية لن تكون سهلة".
وراى المحاضر في العلوم السياسة سمير عوض "ان وضع الرئيس ابو مازن لا يحسد عليه مع الازمة الداخلية والمفاوضات غير المثمرة بتاتا".
وقال في تصريح لفرانس برس "لكني لا ارى ان المشكلة الفلسطينية لها علاقة بشخصية الرئيس لان عمر المشكلة مئة عام، وكانت هناك محاولات عديدة لحلها ولم تحل لان اسرائيل هي السبب الرئيسي لانها لا تتعامل مع الفلسطينيين كند بل بوصفها قوة عظمى محتلة".
واوضح ان "اسرائيل تولي اهمية قصوى للسياسة الداخلية التي تتجه نحو اليمين المتشدد وليس للسياسة الاقليمية او الدولية".
واعتبر "ان المشكلة في الموقف الاميركي، ان باراك اوباما تراجع عن موقف جورج بوش الذي طرح حل الدولتين بحسب خارطة الطريق التي نصت على تجميد الاستيطان".
ومن المتوقع ان تصل هيلاري كلينتون مساء اليوم الثلاثاء الى القاهرة حيث تلتقي الاربعاء الرئيس المصري حسني مبارك، وهي زيارة تم ترتيبها على عجل في وقت تسعى فيه وزيرة الخارجية الاميركية الى طمأنة الفلسطينيين والعرب بشأن مواقفها تجاه الاستيطان الاسرائيلي.
وستلتقي كلينتون كذلك مساء الثلاثاء وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط ورئيس المخابرات العامة اللواء عمر سليمان.
وتقوم وزيرة الخارجية الاميركية بعملية صعبة لـ"شرح مضمون" تصريحات وصفت فيها العرض الاسرائيلي بالتجميد الجزئي للاستيطان بانه "غير مسبوق" في حين ان واشنطن كانت تطالب حتى الان بتجميد كامل للاستيطان.
واعلنت كلينتون مساء الاثنين عن زيارتها للقاهرة اثناء وجودها في مراكش بالمغرب حيث حاولت من هناك ايضا تطمين الدول العربية بأن موقفها لم يتغير وان "الولايات المتحدة لا تقبل شرعية مواصلة الاستيطان الاسرائيلي".
وتعتبر مشكلة الاستيطان احدى العقبات الرئيسية امام استئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين التي توقفت منذ ما يقرب العام والتي تحاول واشنطن بصعوبة اطلاقها مرة اخرى.
وغالبا ما تلجأ واشنطن الى مصر بسبب دورها المعتدل في الشرق الاوسط وتحالفها القديم مع الولايات المتحدة. ويحاول المحيطون بكلينتون مع ذلك تبديد الانطباع بان هذه الزيارة املتها الحاجة الى تهدئة القلق العربي.
عمار