لاثنين نوف 9 2009
حيفا - - في الوقت الذي تبذل إسرائيل فيه جهودا كبيرة لإجهاض تقرير القاضي ريتشارد غولدستون على الساحة الدولية، فإنها تواجه قضية أخرى في جبهتها الداخلية تناولها التقرير وتتعلق بقمع اسرائيل لمواطنيها العرب من فلسطينيي 48 الذين عبروا عن سخطهم بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وكانت إسرائيل قد اعتقلت أكثر من 800 من فلسطينيي 48 في فترة العدوان على غزة، وقدمت لوائح اتهام ضد 255 شخصا بينهم 127 قاصرا تعاملت معهم على أنهم كبار سواء من خلال اعتقالهم وسجنهم، أو ممارسات أخرى ضدهم، في حين كان يجب عليها معاملتهم كأطفال.
وقالت المحامية عبير بكر من مركز "عدالة" الحقوقي في حيفا في حديث لموقع "العربية.نت" الاليكتروني إن إسرائيل قضت على مستقبل مئات العرب من خلال فتح ملفات جنائية لهم، يمكن أن تؤثر على تعليمهم وعلى عملهم خاصة أن غالبيتهم من الشباب، ولا يستطيع أحد أن يضمن عدم تقديم لوائح اتهام جديدة ضد آخرين مستقبلا كما جرت العادة، فالملفات لم تغلق بعد.
وفي حين أوصى غولدستون بإقامة لجنة تحقيق مستقلة وعلنية لفحص السبل التي استخدمتها إسرائيل لقمع احتجاج المواطنين العرب، وفحص التمييز ضدهم وتقييد حريتهم في التعبير واستخدام العنف المفرط ضدهم واعتقال المئات منهم، فإن اسرائيل لم تقم بأي خطوة بعد لتنفيذ هذه التوصيات.
وأوضحت المحامية بكر "أن السياسة القمعية الإسرائيلية تجاه المواطنين العرب عندما يعبّرون عن تضامنهم مع إخوانهم الفلسطينيين تدل على نهج إسرائيلي خطير، وهو نفس النهج الذي اتبعته إسرائيل في أحداث أكتوبر 2000".
وأشارت بكر إلى أن مركز "عدالة" أولى الأهمية الكبرى لقضية المجازر التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، ولكنه أيضا قدم لغولدستون معلومات حول ممارسات إسرائيل ضد مواطنيها العرب لأهمية الموضوع في فضح إسرائيل دوليا، خاصة بعد أن تجاهل المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية ميني مزوز كل توجهات مركز "عدالة" بشأن الانتهاكات وبشأن تدخل الشاباك وترهيبه للمواطنين العرب، واستدعائهم للتحقيق لمجرد التعبير عن غضبهم.
وأضافت حول أهمية تناول موضوع قمع فلسطينيي 48 في تقرير غولدستون أن "إسرائيل تلعب على وتر أن هناك إرهابا وهناك احتلالا وصواريخ وما إلى ذلك من أمور تهدد مواطنيها حسب ادعائها، الأمر الذي يجعلها تختلق مبررات للعدوان على غزة. لكن عندما نطرح قضية الأقلية العربية في إسرائيل، فهنا لا يوجد إرهاب ولا تفجيرات ولا صواريخ ولا غيرها، بل الموجود هو خرق لأسس حقوق الإنسان ولحرية الأقلية وقمع للأقلية، وهذا يعري الادعاءات الإسرائيلية ويكشف زيف ديمقراطيتها التي تتفاخر بها. تسليط الضوء على قضايا داخلية يجعل النظرة للانتهاكات الإسرائيلية أكثر شمولية، بحيث تصبح تبريراتها غير منطقية ولا واقعية".
وأوضحت أنه "في حال استمرار المستشار القضائي في تجاهل الموضوع، سيتوجه المركز لهيئات الأمم المتحدة، وللجان حقوق الإنسان سواء التي صادقت على غولدستون أو غيرها، وسنذكرها بما جاء في التقرير. وهذه اللجان باستطاعتها أن تضغط على إسرائيل وتثير النقاط التي أشرنا إليها وهذا أيضا فيه مكسب لقضيتنا".
وقالت بكر ان:"إسرائيل غاضبة جدا من سلوكنا ومن سلوك منظمات حقوق الإنسان. وعندما نسافر إلى مؤسسات الأمم المتحدة، سواء في نيويورك أو جنيف، من خلال مطار بن غوريون ونعرّف أنفسنا على أننا من الناشطين في مجال حقوق الإنسان، يكون هذا سبب كاف لإعاقة معاملاتنا وسبب لاستجوابنا بشكل كبير بدل أن يكون سببا للفخر ولتسهيل المعاملات. وهذا لأنهم ينظرون إلينا في إسرائيل وكأننا متوجهون لنشي بهم، ونتيجة مخاوف الإسرائيليين من تقديم شكاوى ضد الدولة".
وأضافت بكر: "ترى إسرائيل أننا كجمعيات فاعلة في الداخل نحرجها في الخارج. حتى أننا عندما نحضر جلسات الكنيست في مناقشات حول تقارير لها علاقة بالأمم المتحدة وحقوق الإنسان، عادة ما نتعرض لهجوم عنيف ونتهم بالخيانة وبأننا نشي بالدولة وأننا ننشر غسيلها الوسخ وما إلى ذلك".
وأشارت عبير بكر في معرض حديثها إلى أن "مؤسسات حقوق الإنسان الإسرائيلية وضعت رقابة على نفسها في التعاطي مع غولدستون، فعندما توجهنا لجنيف حتى ندعو لتبني تقرير غولدستون هناك مؤسسات أبدت تحفظات وانسحبت من الائتلاف".
عمار