الاثنين نوف 9 2009
نيويورك - - كتب الصحافي الاميركي توماس فريدمان مقالاً في صفحة الرأي في صحيفة "انترناشنال هيرالد تربيون التي نشرته اليوم الاثنين يقول فيهان طرفي الصراع الفلسطيني -الاسرائيلي لا يبدوان جاهزين او مستعدين لعقد اتفاق سلام ولذلك ينبغي للرئيس باراك اوباما ان يخاطبهما طالباً منهما الاتصال برقم تليفون البيت الابيض عندما يصبحان جاهزين
وكتب فريدمان: "لقد اصبحت عملية السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين لعبة سيئة. فمن الواضح ان كل الاطراف تمثل المشاهد القديمة ذاتها، مع الكلاشيهات القديمة المتعبة نفسها –التي لم يعد احد يصدق ايا منها. ليست هناك رومانسية، لا حميمية، لا اثارة، ولا الحاح- ولا حتى احساس بالاهمية. الامر الوحيد الذي يقود عملية السلام اليوم هو الجمود والعادات الدبلوماسية. نعم، لقد غادرت عملية السلام الاسرائيلية-الفلسطينية منطقة الدبلوماسية. وهي الان اقرب الى التمارين الرياضية، مثل رفع الاثقال او تمارين البطن، شيء يفعله الدبلوماسيون كي يحافظوا على لياقتهم، ولكن ليس بدافع اعتقادهم ان شيئا ما سيحدث. ورغم ذلك، فإن الجماهير تعلم بقدر ما نعم نحن،هذه الحقيقة ونحن لا يسعنا ابدا ان نفقد الامل بالسلام في الارض المقدسة. انها عادتنا. وحين حدثت صديقا اردنيا عن هذا الموضوع قبل ايام، قال ان هذا كله يذكره بقصة قديمة.
كان شخصان يشاهدان فيلما تدور احداثه بين راعي بقر وهندي احمر. وفي المشهد الافتتاحي، يختبئ الهندي خلف صخرة لينصب كمينا لراعي البقر الوسيم، فقال احد الشخصين للاخر: "اراهن ان الهندي سيقتل راعي البقر"، فرد صاحبه:" لن يحدث هذا، فراعي البقر لا يمكن ان يقتل في المشهد الاول". فقال الرجل:" اراهنك بعشرة دولارات على ان راعي البقر سيقتل"، وقبل صديقه الرهان.
وبالطبع، فبعد بضع دقائق، قتل راعي البقر ودفع الصديق الدولارات العشرة. وحين انتهى الفيلم قال الرجل لصديقه :"اسمع، علي ان اعيد اليك الدولارات العشرة. لقد رأيت هذا الفيلم من قبل"، فاجاب صديقه:"لا، يمكنك الاحتفاظ بها، فقد سبق لي ان شاهدت الفيلم ايضا، لكنني ظننت انه قد ينتهي بشكل مختلف هذه المرة".
لن ينتهي فيلم عملية السلام بشكل اخر فقط لاننا نعيد تشغيل الشريط نفسه. لقد حان الوقت لاتباع نهج جديد جذريا. واعني جذريا. اقصد ما لم تجرؤ اي ادارة اميركية على فعله من قبل: اي ان تنزع لافتة "نحن عملية السلام" وتعود الى البيت.
في الوقت الحالي نحن نريد السلامه اكثر مما تريده الاطرف المعنية. جميعها لديهما اولويات اخرى. وباستمرارنا في حقن انفسنا اصبحنا عقار النوفوكايين المسكن بالنسبة اليهم. نحن نخفف الآلام السياسية عن صانعي القرار العرب والاسرائيليين من خلال ايجاد انطباع في اذهان شعوبهم بان امرا مهماً سيحدث. "انظروا وزيرة الخارجية الاميركية هنا. انظروا هي بجانبي. انظروا هي في صفنا. انظروا انا اقوم بأمر مهم. التقطوا صورتي. ضعوها في الاخبار. نحن على وشك امر كبير بالفعل ولا يمكن الاستغناء عني فيه". هذا يمكّن القادة المعنيين من الاستمرار في اولوياتهم الحقيقية- التي تتمحور كلها حول الاحتفاظ بالسلطة او متابعة الوساوس الايديولوجية المستحوذة عليهم – بينما يتظاهرون بالسعي الى تحريك السلام، من دون ان يدفعوا ثمنا سياسيا.
دعونا فقط نخرج من الصورة. اطلبوا من جميع هؤلاء القادة ان يقفوا امام شعوبهم ويخبرونهم بالحقيقة" مواطنينا الاعزاء: لا شيء يحدث، ولا شيء سيحدث.ما هو موجود هو انتم وانا والمشكلة التي تشغلنا" .
وبالفعل، لقد حان الوقت لنفض الغبار عن خط جيمس بيكر:"عندما تكونوا جادين، اتصلوا بنا على رقم البيت الأبيض واطلبوا باراك. والا فابتعدوا عن حياتنا. لدينا بلادنا لنقوم باصلاحها".
والحقيقة هي ان المرة الوحيدة التي كان لدى اميركا القدرة على تحريك السلام- في مرحلة ما بعد حرب تشرين (اكتوبر) وكامب ديفيد، وبعد حرب لبنان، ومدريد واوسلو- هي عندما شعرت الاطراف بالم كاف ناتج عن اسباب متباينة الى حد انهم طلبوا جهودنا الدبلوماسية، وكان لدينا سياسون- هنري كيسنغر، وجيمي كارتر، وجورج شولتز، وجيمس بيكر وبيل كلينتون- اذكياء الى حد التقاط تلك اللحظات.
حاليا من الواضح ان العرب واسرائيل والفلسطينيين لا يشعرون بالم كاف يدفعهم للقيام بعمل شاق للسلام مع بعضهم بعضا- وهو وضع يمكن تلخيصه بعبارة تدور في وزارة الخارجية الاميركية: القيادة الفلسطينية "تريد صفقة مع اسرائيل من دون مفاوضات على الاطلاق" وقيادة اسرائيل "تريد مفاوضات مع الفلسطينيين من دون اي اتفاق".
ومن الظاهر ان هذه الحكومة الاسرائيلية تعتقد ان من الممكن لها ان تحصل على السلام مع الفلسطينيين وتحتفظ بالضفة الغربية، وهذه السلطة الفلسطينية لا تستطيع اتخاذ قرار حول المصالحة مع الدولة اليهودية أم تقوم بتجريمها وهذه القيادة الحمساوية تفضل ان يعيش الفلسطينيون الى الابد في اجواء جهنمية داخل قطاع غزة على ان تتخلى عن خيالاتها الجنونية باقامة جمهورية فلسطين الاسلامية.
واذا واصلنا استجداء اسرائيل لوقف بناء المستوطنات، وهوتصرف احمق بالتأكيدن وطالبنا السعودية بالقيام بغمزة نحو اسرائيل وهو سلوك بائس بالتأكيد فنحن في المكان غير الصحيح. لقد حان الوقت للمطالبة بوقف "عملية السلام" المتعطلة هذه، التي تدمر مصداقية فريق اوباما.
واذا كان الوضع الراهن محتملا بالنسبة الى الاطراف، فانا اذن اقول، دعوهم يتمتعون به. انا فقط لا اريد ان ادعمه او ادخله في حالة سبات. نريد ان نصلح اميركا. واذا اصبحوا جادين أو عندما يصبحوا جادين، فسيجدوننا هناك. وعندما يفعلون ذلك، يجب علينا ان نضع على الطاولة خارطة اميركية مفصلة لحل الدولتين، مرفقة بالحدود. دعونا نناضل من أجل شيء كبير ذي أهمية.
عمار